المقدمة
قضيت سنوات طويلة أعمل في الابتكار والبحث وتصميم المنتجات عبر مجالات متعددة — من التكنولوجيا والاتصالات إلى الطاقة والصحة.
وخلال كل هذه السنوات، كان منهجي واضحًا: التصميم المتمحور حول المستخدم (User-Centered Design).
هذا الإطار منحنا طريقة عملية لفهم الناس، ورسم احتياجاتهم، وتصميم حلول حقيقية لمشاكلهم.
لكن عندما بدأت أعمل بعمق على منتجات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، أدركت شيئًا مفصليًا:
القواعد القديمة لم تعد تكفي.
لم أكن أبدأ من الصفر، بل كنت أعيد تعلم ما تعلمته — لكن بطريقة مختلفة كليًا.
كان الأمر أشبه بإتقان مهارة مألوفة… لكنها تعمل بقوانين جديدة.
قوانين لا تكتفي بـ “فهم المستخدم” — بل تتطلب أن يتحرك النظام نفسه عبر المستخدم.
🔹 من “المستخدم في المركز” إلى “المستخدم كمحرّك”
في التصميم المتمحور حول المستخدم (UCD)، المستخدم مهم، لكن دوره غالبًا محدود في مراحل البحث والاختبار والتغذية الراجعة.
بمجرد إطلاق المنتج، تنتهي “مرحلة التصميم” حتى إشعار آخر.
لكن في عالم الذكاء الاصطناعي، هذا المفهوم ينهار بالكامل.
الإطلاق لم يعد نهاية التصميم — بل بدايته الفعلية.
المنتج لا “يعمل” إلا عندما يبدأ الناس في استخدامه.
كل نقرة، كل تصحيح، كل تفاعل، يعيد تشكيل النظام في الزمن الحقيقي.
المنتجات لم تعد تخدم المستخدمين فقط؛ إنها تتطور من خلالهم.
🌸 تشبيه جميل: التصميم كزهرة تتفتح
تخيل أن كل منتج مدعوم بالذكاء الاصطناعي هو زهرة مغلقة.
كل تفاعل من المستخدم — نقرة، سؤال، تعديل — يفتح بتلة جديدة.
الزهرة لا تتفتح لأن المصمم يغيّر شكلها كل يوم، بل لأن المستخدم يغذيها بالاستخدام.
تمامًا كما يحدث في:
Spotify Discover Weekly: لا تتحسن القوائم لأن المصممين يعدّلونها يدويًا، بل لأنها تتطور بناءً على ذوقك وتفاعلك.
Duolingo: دروسه تتشكل حسب أخطائك وتقدّمك، لا حسب خوارزمية ثابتة.
ChatGPT نفسه: أساسه هندسي، لكن ثراءه نابع من مليارات المحادثات البشرية.
هذا هو جوهر ما أسميه:
التصميم المُدار بالمستخدم (User-Powered Design – UPD).
في UCD، التصميم يُصنع “من أجل المستخدم”.
في UPD، التصميم “ينمو من خلال المستخدم”.
🔹 فلسفة التصميم المُدار بالمستخدم (UPD)
UPD ليست مجرد تقنية، بل عقلية جديدة لعصر الذكاء الاصطناعي.
إنها تعني أن المنتج ليس مشروعًا يُطلق، بل نظامًا يعيش ويتنفس ويتطور.
في هذه الفلسفة:
الإطلاق هو البداية، لا النهاية.
المنتج لا يولد إلا حين يتفاعل الناس معه.
المستخدم ليس مستهلكًا فقط، بل شريكًا في التصميم.
تفاعلاته تصنع النظام وتغذيه بالمحتوى والسلوكيات.
المنتج لا يخدم المستخدم فقط — بل ينمو بفضله.
كلما زاد الاستخدام، زاد الذكاء، التخصيص، والمرونة.
يمكننا تشبيهها بالنظام البيئي:
إذا توقف المستخدمون عن التفاعل، يتوقف النمو.
أما إن شاركوا بفعالية، يتحول النظام إلى كائن حي يتطور ذاتيًا.
🔹 ماذا يعني هذا لمستقبل المصممين؟
يعني أننا بحاجة إلى التفكير كمدربين للنظام لا كمهندسين لواجهة فقط.
يجب أن نفهم كيف يتعلم المنتج من المستخدمين، وكيف نحفّز هذا التعلم.
لم تعد رحلة التصميم تنتهي عند “الإطلاق”،
بل تبدأ من هناك — حيث تبدأ البيانات في رسم القصة الحقيقية.
وهذا يتطلب مصممًا جديدًا:
مصمم يفهم الذكاء الاصطناعي، ويتعامل معه كزميل، لا كأداة.
🔹 دعوة للتأمل والمشاركة
ما أكتبه هنا ليس نظرية، بل تجربة عشتها على مدار سنوات من تصميم المنتجات الاستراتيجية، حتى واجهت الذكاء الاصطناعي وجهًا لوجه.
كانت تلك لحظة الإدراك:
”التصميم لم يعد يُدار بالمستخدم فقط، بل يُدار بالمستخدمين أنفسهم.”
هل تشعر أنت أيضًا بهذا التحول في عملك؟
هل أصبحت ترى أن المنتج لا يُصمَّم “مرة واحدة”، بل “يتشكل باستمرار”؟
شاركنا رؤيتك في التعليقات 👇
حيث نعيد تعريف الإبداع في زمن الذكاء الاصطناعي.
🔹 اكتشف محتوى Eco Media الكامل هنا
اطلب تقييم حسابك اللينكد ان الآن