تخطي للذهاب إلى المحتوى

‫التصميم الشامل لخبرات مستخدم أفضل: ما بعد الامتثال — دروس عملية من الواقع‬

15 نوفمبر 2025 بواسطة
ايكو ميديا للتسويق الرقمي, Khaled Taleb
لا توجد تعليقات بعد



المقدمة


‫في إحدى زياراتي لمتحف محلي قبل فترة قصيرة، كنت برفقة صديق فاقد للبصر. اعتدت مساعدته في قراءة اللوحات الإرشادية بصوت عالٍ، لكن تجربة تلك الزيارة كانت تذكيرًا مؤلمًا بأن الفجوة بين ما نعتبره “تجربة جيدة” وما يعيشه المستخدم الفعلي قد تكون واسعة جدًا.‬

‫‬

‫الملاحظات كانت بسيطة لكنها كاشفة.‬

‫الوصف الصوتي — عندما يتوفر — يركز عادة على الوظيفة: “هذا أداة زراعية”، “هذا قضيب معدني”. لكن لا أحد يذكر الشكل، الحجم، الملمس، أو حتى ما إذا كان الجسم ضخمًا أو صغيرًا بما يكفي لرفعه.‬

‫‬

‫هذا فجّر سؤالًا محوريًا:‬

‫متى أصبحنا نعتقد أن كل مستخدم يرى كل شيء؟‬

‫‬

‫فجوة لا تخص المتاحف فقط… بل تشمل العالم الرقمي كله‬

‫‬

‫عندما لا يستطيع المستخدم رؤية الشاشة، تصبح الكلمات هي عينه.‬

‫نفس الكارثة تحدث عندما يكتب المصمم نصًا بديلاً (Alt Text) من نوع:‬

‫”شخص — كرسي — كوب”.‬

‫‬

‫هذا ليس وصفًا… هذا فهرس أغراض.‬

‫لاحظ الفرق:‬

‫”امرأة بشعر أسود طويل تجلس على كرسي خشبي وتحمل كوبًا أزرق.”‬

‫‬

‫الصورة الذهنية هنا تتشكل بوضوح أكبر.‬

‫وربما هذه هي النقطة الجوهرية: التصميم الشامل ليس تعاطفًا… إنه دقة.‬

‫‬

‫التصميم الشامل يبدأ من سؤال واحد

‫‬

‫ماذا عن المستخدمين الذين لا يستطيعون رؤية ما أراه؟‬

‫‬

‫عندما يقول دليل منتج:‬

‫”ركّب القطعة كما يظهر في الصورة 1 و2”‬

‫فهذا يفترض أن الجميع يرى.‬

‫لكن عبارة مثل:‬

‫”اقلب اللوح، وثبّت أربعة براغٍ صغيرة في الزوايا الأربع كما في الصورة 2”‬

‫تفتح الباب لتجربة أكثر استقلالية — حتى بدون الصور.‬

‫‬

‫الفارق بين الجملتين هو الفارق بين علامة يثق بها الناس… وعلامة يستثنيها المستخدمون.‬

‫‬

‫أدوات مساعدة… لكنها ليست الحل الكامل‬

‫‬

‫هناك تطبيقات قوية تساعد المكفوفين مثل Seeing AI من مايكروسوفت.‬

‫دقتها تحسنت، لكنها تبقى مجرد مساعد، وليست بديلًا عن التزام المصممين بتصميم معلومات واضحة يمكن الوصول إليها دون وسيط.‬

‫‬

‫الأدوات وحدها لا تعالج التحيزات المدمجة في التجربة نفسها.‬

‫‬

‫حرية الإرادة ليست ترفًا — إنها أساس التجربة الإنسانية‬

‫‬

‫حين يقول أحدهم:‬

‫”لماذا لا يستعين الكفيف بمرافق في المتحف؟”‬

‫فهذا يشبه القول:‬

‫”لماذا تذهب بنفسك؟ دائمًا خذ معك أحدًا.”‬

‫‬

‫المشكلة ليست في المساعدة… بل في افتراض العجز الدائم.‬

‫الاستقلالية اليومية — اختيار وقت الذهاب، ماذا أرى، متى أغادر — هي ما يحوّل التجربة من “نجاة” إلى “حياة”.‬

‫‬

‫التصميم الشامل يعني التفكير في المستبعَدين… لا الأغلبية‬

‫‬

‫في إحدى الدورات، سألت مشاركة صمّاء:‬

‫”أنا لا أستخدم لغة الإشارة. كيف يفترض أن تصلني المعلومات؟”‬

‫‬

‫كان هناك مترجم لغة إشارة، لكن لم يكن هناك ترجمة نصية مباشرة.‬

‫‬

‫وهنا ظهر سوء الفهم الكبير:‬

‫الإعاقة ليست قالبًا واحدًا.‬

‫هناك “طيف” من تجارب السمع والبصر والحركة، ولا يمكن افتراض أن الجميع يستخدم الأدوات نفسها.‬

‫‬

‫لذلك الجواب كان بسيطًا:‬

‫وجود خيار نصّي دائم هو الحل الأكثر شمولًا.‬

‫النص ينجح حيث تفشل البقية.‬

‫‬أقرأ أيضا مقالة : ‫ثورة الذكاء الاصطناعي في تصميم UX/UI‬

‫أمثلة من العالم الحقيقي

‫‬

‫أحد المنظمين سألني:‬

‫”ركبّنا بلاطات بارزة (Tactile Paving) عند المدخل، لكن قد تزعج الكراسي المتحركة والعربات. ماذا نفعل؟”‬

‫‬

‫الإجابة كانت:‬

‫قبل التفكير في الانزعاج الطفيف…‬

‫فكّر بمن سيُستبعَد إن لم تكن موجودة.‬

‫‬

‫العربات تمر فوقها بسهولة.‬

‫أما الكفيف… فلن يجد المدخل أصلًا.‬

‫‬

‫الامتثال للقوانين… ليس تصميمًا شاملًا‬

‫‬

‫كثير من المنشآت تضع البلاطات البارزة فقط للحد الأدنى المطلوب قانونيًا:‬

‫أمام باب، بجانب درج، قرب الحمّام.‬

‫‬

‫لكن المساحات الواسعة التي تمثل التجربة الحقيقية — معرض، صالة، طريق طويل — بدون أي علامات.‬

‫‬

‫هذا ليس شمولية…‬

‫هذا تجميل قانوني.‬

‫‬

‫التصميم الشامل الحقيقي يعتمد على:‬

‫التحليل، التجربة، التكرار، والاستماع لذوي الإعاقة أنفسهم.‬

‫لا بروتوكول حكومي سيجعل التجربة إنسانية من تلقاء نفسه.‬

‫‬

‫ما وراء اللوائح: نريد تجارب إنسانية حقيقية‬

‫‬

‫في لقاء مع أحد المتاحف المرموقة، قالت مديرة التسويق:‬

‫‬

‫”نحن نلتزم بقوانين الوصول… لكن القانون هو الحد الأدنى. السؤال الذي يشغلنا هو: ماذا يمكننا أن نفعل أبعد من القانون؟”‬

‫‬

‫هذا هو جوهر التصميم الشامل.‬

‫ليس ما يطلبه القانون… بل ما يحتاجه الإنسان.‬

‫‬

الخلاصة‬

‫‬

‫التصميم الشامل ليس مجموعة قواعد، ولا مجموعة “وجوب” نضعها في ملف PDF.‬

‫إنه رؤية تسأل دائمًا:‬

‫من يمكن أن يُستبعَد؟‬

‫ثم تعمل على إزالة هذا الاستبعاد — مهما كان بسيطًا — عبر اللغة، التجربة، والتقنية.‬


مع Echo Media

نواصل في Echo Media بناء محتوى عربي متقدّم حول مستقبل UX، الذكاء الاصطناعي، وتجارب المستخدم الشاملة.

إذا كنت تريد محتوى استراتيجي، تحليلي، وعملي يساعدك على تحسين منتجاتك أو تطوير عملك…

تابع Echo Media وشارك المقال لدعم المعرفة العربية.

رحلتنا نحو تصميم أكثر إنسانية تبدأ هنا.




تسجيل الدخول حتى تترك تعليقاً